إغراء ومشاركة

هناك منافسون لكل عمل. إن تمكّنت من إغرائهم وجعلهم يعملون معك، هذا يعني أنه يمكنك أن تنظر إليهم على أنهم شركاء محتملين. كما أن المنافسين عبارة عن قوة محركة تدفع الأداء إلى الأمام والبقاء في موقع متقدم يسبق المنحنى. يعتبر التشارك/التعاون مع المنافسين وهو ما أطلق عليه جي. كراك (2019) Crack, J. (2019)منافسة تعاونية  استراتيجية قيّمة لتحسين أداء جميع الأعمال المعنية وتوجيهها على أساس سيناريوهات رابح – رابح بدلاً من سيناريوهات رابح – خاسر بين المنافسين.

تدخل الأعمال/الشركات في علاقة تعاون ومشاركة للتغلب على التحديات وتحقيق أهداف مشتركة بينها. فالتعاون المثمر بين شركتيْن أو أكثر تجمعهم اهتمامات تحالفية تستهدف في العادة أنشطة محددة يتمّ تنفيذها على أساس أدوار معرّفة بوضوح وتقديرات تشير إلى أهداف مشتركة وإدامة منتظمة لعلاقة الشركاء.

قد تحفز المنافسة العمل/الشركة إلى رفع مستوى الإنتاجية. مجرد المحاولة للتفوق على المنافسين يكاد يكون مستحيلاً إذ يتطلب كمية كبيرة من الموارد وقد يؤدّي أيضاً إلى إجهاد الأداء والسلوك غير الحسن والاستياء.

في أغلب الأحيان، تحتاج الأعمال الصغيرة على وجه الخصوص ذات الموارد البسيطة والقدرات المحدودة استراتيجية لطريقة المنافسة في الأسواق. ويمكن أن تتلخص هذه الاستراتيجية بالتعاون مع المنافسين ليس فقط للبقاء، بل وللنمو ضمن الأسواق (RUS & SAGAJ 2019).

بدلاً من التعامل مع الأعمال الأخرى على أنها منافسة، يمكن للأعمال في أي قطاع من قطاعات الأعمال بما فيها القطاعات البيئية أن توجد شراكات تكاملية لتحسين أو بناء منتج/خدمة جديد/جديدة مع بعضها البعض أو الترويج فيما بينها للمنتجات أو الخدمات الموجودة حالياً (Salesforce 2019). يمكن للتعاون عموماً أن يحسّن أداء الأعمال الصغيرة والكبيرة على الرغم كونه في أغلب الأحيان أكثر أهمية للمنشأة الصغيرة، يمكن أيضاً للاعبين الكبار في السوق أن يستفيدوا من نتائج محددة ترفع مستوى الأداء (Quick 2019).

اختيار التعاون وتفضيله على وضع المنافسة يعني بيئة أكثر ارتياحاً يتم فيها التشارك بالمسؤوليات بالإضافة إلى تعزيز القدرات والموارد والإبداع...الخ. على الرغم من أن التكيّف والتسويات تكون غالباً مطلوبة في الشراكات، إلا أنها تحقق نتائج أفضل بالتأكيد. تشمل المنافع الرئيسية المتحققة من الشراكات مع المنافسين (Salesforce 2019)ما يلي:

• المزيد من الخبرة المتأتية من أفراد الكادر وخبرة/خبراء الشريك ما يسمح بتوفير التكاليف وتقديم المنتجات والخدمات التي هي غير متاحة خلافاً ذلك.
• الوصول إلى عملاء جدد حيث أنه بإمكان الشركاء الوصول إلى قاعدة عملاء بعضهم البعض وهو ما لم يكن ليتاح لهم بعيداً عن تلك الشراكات.
• المزيد من الكفاءة من خلال الشراكات التكاملية التي تسمح بتقليص الحاجة إلى التعاقد مع المقاولين الفرعيين أو الحصول على صفقات أفضل من خلال سلسلة التزويد
• خيارات تمويل أفضل أو إضافية يمكن الوصول إليها من خلال شراكات قوية وأعمال مشتركة، وائتلافات...الخ
• من خلال الشراكات، يمكن التخفيف من أو تقاسم المخاطر المرتبطة بالدخول إلى أسواق جديدة والاستثمار في موارد محددة...الخ
• يسمح التعاون مع المنافسين بكسب رؤى قيّمة بشأن الطريقة التي يتصرف بها المنافسون والمعلومات الخاصة بهم. بالمقابل، التعاون لا يعني أنه يجب عليك إطلاع الآخرين على جميع النصائح والخدع (الحِيَل).

قبل الدخول في أية شراكة، يجب توضيح الغرض من العمل/الشركة. تشتمل الأسئلة الأساسية بشأن الحاجة إلى شراكة على (Standbra 2019):

• هل يمكنك تحقيق هدفك دون شريك؟
• ما هي العناصر المتوفرة لديك لاستخدامها في الشراكة (نقود، معلومات...الخ)؟
• ما هي المحددات الزمنية والجغرافية؟
• ما هي المخاطر التي تحدث عند الدخول في شراكة أو عدم الدخول بها.

عند بلورة إجابات واضحة على هذه الأسئلة ، يصبح بالإمكان تحديد أطر التعاون المثمر. يمكن أن يتراوح نطاق التعاون من نشاط بحثي صغير مشترك أو رعاية مشتركة للفعاليات إلى شراكات تنفيذ الأعمال على مدار السنة كلها أو عمليات مشتركة لدخول أسواق جديدة. عموماً، ينبغي أن تكون الشراكة محدودة ومقتصرة على احتياجات العمل ومحكومة بإطار زمني (Harisson 2019).

على الرغم من تفرّد كل عمل بخصائص معينة، هناك شركاء لكل عمل. وفي الوقت ذاته، لا يمكن لكل منافس أن يكون هدفاً لشراكة والشركاء الضعاف يمكن أن يحققوا خسائر كبيرة أو  قد يدمّرون سمعة العمل.

من المهم فهم القيمة التي يمكن للعمل وللشريك أن يضيفها إلى عملك وما يتوقع الطرفان كسبه من الشراكة.

فهم موقف المنافس في السوق مهم للغاية لتحديد التوقعات وإدارتها واختبار الشراكات الاستراتيجية طويلة المدى قبل الدخول بها. عليك أن تحلل المنافسين المستهدفين من زاوية أدائهم في الشراكات السابقة ونقاط الضعف التشغيلية والأهداف الاستراتيجية لديهم. بالإضافة إلى ذلك، من المهم دراسة فيما إذا كانت قيم العمل/الشركة والمعتقدات التنظيمية وثقافة الشركة ورسالتها تتماشى جميعها مع بعضها البعض أو على الأقل إلى حدّ ما هي كذلك (Salesforce 2019).

إلى جانب تحديد الطريقة التي يمكنك من خلالها الاستفادة من الشراكة، يساعدك هذا التحليل في تحديد ما يمكنك تقديمه ومعرفة المنافع التي ينتظر الشريك المحتمل الحصول عليها؛ هذا أمر في غاية الأهمية قبل طلب التعاون (Harisson 2019). بما يشبه إقناع العميل بحلّ ما، عليك أن تقنع شريكاً محتملاً بالقيمة التي ستضيفها له شراكته معك.

يستدعي الأمر المواءمة على مستويات عديدة للوصول إلى شراكة مثمرة. فمعرفة المنافس المستهدف فعلاً ميزة لأنها تساعد على تقييم المكاسب المحتملة والنواقص التي تحيط بالشراكة مسبقاً. إجراء بحث السوق وإيجاد طرق للتواصل بشكل حيوي ومعرفة المنافسين يمكن أن تكون جميعها بديلاً مجدياً لتحديد الشركاء المحتملين خارج شبكة العمل. حتى وإن لم تتمخض الاتصالات مع جهات جديدة عن شراكات، تبقى معرفة المنافسين مفيدة دوماً وتحسّن استخبارات السوق الخاصة باللعمل (Harisson 2019).

عند الخوض في غمار بناء التحالفات، تذكّر دوماً أن تطوير شراكة قيّمة ما هو إلا عملية طويلة المدى. ومعرفة الآخر وبناء الثقة متطلب رئيسي قبل اتخاذ قرار واثق بشأن الشراكات. من الخطوات المهمة التي تقرّبك من منافسيك أن تكون هناك نقاط عديدة للتفاعل بينكم وأنشطة بسيطة مشتركة وبوادر دعم (التعريف بالشبكات الجديدة والعملاء المحتملين، وتحويل الفرص إلى آخرين) (Shah et al. 2017).

حالما تدخل الأعمال في شراكة، من الأهمية بمكان تعريف مبادئ التعاون والحدود التي من الممكن وضعها بمساعدة الاتفاقيات والعقود مع وجود منجزات ومسؤوليات واضحة بالإضافة إلى وضع المعايير/المحددات القانونية للشراكة بما فيها ما يحدث في نهايتها؛ يساعد هذا الطرفين في تعريف استثمارهما للوقت والموارد والمال كما يساعد في بلورة مسؤوليات كل شركة ويساعد في التخطيط للمحاولة وإطلاقها وإدارتها من البداية وحتى النهاية (Salesf . قد تنص الاتفاقية على الأهداف العامة والإطار الزمني وشروط الإلغاء وشروط الحصرية والمسؤوليات والمساهمات المالية وترخيص الأسماء التجارية والشعارات وحقوق المؤلّف واتفاقات عدم الإفصاح...الخ.

ينبغي للأعمال أن تعي كفاءاتها الأساسية والقدرة على العمل ككيان منفصل قائم بذاته. يمكن أن يكون الاعتماد بدرجة كبيرة على شريك واحد محفوفاً بمخاطر مرتفعة للعمل/الشركة مثلما هو الحال عند الاعتماد على عميل واحد. يمكن لشركة أخرى أن تنهي الشراكة لأسباب مختلفة في أي وقت من الأوقات. في الشراكات العميقة طويلة المدى على وجه الخصوص، من المهم الاحتفاظ ببعض النواحي الخاصة بنموذج عملك والتي تميّزك عن منافسين وشركاء آخرين (Crick 2019).

في الوضع المثالي، يخلق التعاون المزيد من الفرص بمرور الوقت ولا ننسى أن الشراكات تشبه العلاقات أيضاً. وعلى جميع الشركاء المعنيين أن يعيدوا دوماً تقييم علاقاتهم والتأكد أن الاحترام والثقة والإرادة للتعاون ما زالت جميعها قائمة.

سيواس Cewas www.cewas.org)( منظمة غير حكومية موجودة في سويسرا تأسست عام 2010 وهي منصّة للتدريب الريادي تستهدف الرياديين لتدريبهم على تطوير نماذج العمل وتنفيذها في مجالات الماء – الصرف الصحي – الأمن الغذائي – المناخ.  تقوم  سيواس بتنفيذ أعمال وبرامج في سويسرا والشرق الأوسط وجنوب وشرق أفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية. يشكل إيمان سيواس بالشراكة وتفضيلها على المنافسة جزءً لا يتجزّأ من خصائصها وجيناتها التنظيمية ناهيك عن كونها استراتيجية أساسية للمنظمة. قامت سيواس ببناء خبرتها وسمعتها في إطار التركيز على قطاع محدد. وكونها منظمة صغيرة رشيقة ولامركزية تعمل في العديد من البلدان، ليس بمقدورها تقديم سوى كمية معينة من الخدمات وهي ليست بحاجة لأن تمتلك الموارد لتنفيذ أعمال جديدة لوحدها حيث أن لديها الخيار لـ:

• النمو والتوسع وهو ما يتطلب المزيد من الجهود الإدارية والتنظيمية ويخفض من درجة المرونة
• البقاء صغيرة الحجم وتنفيذ الأعمال الصغيرة فقط في عدد مختار من البلدان.
• البقاء صغيرة الحجم  ولكن الدخول في شراكات استراتيجية لتنفيذ أعمال أكبر و/أو المزيد من الأعمال وفي الوقت ذاته التركيز على أنشطة الخبرة الأساسية.

بعد مرور سنوات عديدة الآن، اتجهت  سيواس إلى الخيار الثالث وطوّرت العديد من الشراكات قصيرة وطويلة المدى مع المنافسين. وحالات التعاون بين سيواس والجهات الأخرى تصنّف تحديداً تحت واحد على الأقل من التصنيفات التالية وإن كانت في الكثير من الأحيان تجدها تحت أكثر من تصنيف:

• شراكات لغايات الاستحواذ حيث لا يتمكن كل شريك لوحده (أو سيواس)  من العمل منفرداً وهو ليس مؤهلاً لذلك أصلاً من حيث الموارد والخبرة التي يمتلكها.
• الشراكات التي توفر موارد عملية (مثلاً: الدعم اللوجستي أو الاتصال  لتيسير تنفيذ الأنشطة. في مثل هذه الحالات، قد تعمل سيواس على توفير المحتوى الفوري بالمقابل.
• الشراكات التي تسمح لسيواس تطوير مجالات خبرة جديدة لأن الشركاء يجلبون معهم الكفاءات الأساسية كما أن التنفيذ المشترك للعمل يوفر فرصة للتعلم عن قرب. 
• الشراكات القائمة على التشارك بالمعلومات وشبكات العمل والفرص.

معظم الشراكات التي دخلت فيها سيواس طويلة المدى ونتجت عن علاقة قائمة ووثيقة تم بناؤها بمرور الوقت.  

شعارات شركاء سيواس في أحد البرامج وصورة لاجتماع دوري من اجتماعات شبكة الشركاء

المصدر:  cewas