التخثير-التنديف

تتواجد الجسيمات الذائبة والعالقة في معظم المياه الطبيعية، تنشأ هذه المواد العالقة في الغالب من تعرية التربة، وذوبان المعادن وتحلل النباتات ومن  تصريف المخلفات المنزلية والصناعية، قد تشمل هذه المواد  كل من المواد العضوية الذائبة والعالقة أو المواد غير العضوية أو كلاهما، فضلًا عن العديد من الكائنات الحية مثل البكتيريا والطحالب أو الفيروسات، وهذه المواد لابد من إزالتها، لأنها تسبب تدهور فى نوعية المياه عن طريق الحد من شفافية الماء (على سبيل المثال تسبب العكارة أو اللون)، وتحمل في نهاية المطاف للكائنات مسببة للأمراض أو مركبات سامة، مدمصة على سطوحها (TZOUPANOS and ZOUBOULIS 2008)

تستخدم عمليات التخثير والتنديف لفصل الجسيمات الذائبة والعالقة من المياه، التخثير والتنديف عملية بسيطة نسبيًا وفعالة من ناحية التكلفة بشرط أن تكون المواد الكيميائية متوفرة وتكون الجرعة متناسبة ومتوافقة مع مكونات المياه، بغض النظر عن طبيعة المياه المعالجة ونظام المعالجة الكلي المطبق فإن التخثير والتنديف يتم  إما قبل المعالجة (على سبيل المثال قبل الترشيح الرملي السريع أو كخطوة لاحقة للمعالجة بعد الترسيب انظر أيضًا محطات تنقية المياه المركزية.

معظم المواد الصلبة العالقة في الماء  تحمل شحنة سالبة، وبالتالي فهي تتنافر مع بعضها البعض،هذا التنافر يمنع الجسيمات من التكتل، مسببا في إبقائها عالقة، والتخثير والتنديف يحدث في خطوات متتابعة تهدف إلى التغلب على قوة استقرار (ثبات) الجسيمات العالقة  مما يسمح بتصادم الجزيئات ونمو الندف التي يمكن بعدها أن تترسب وتزال (عن طريق الترسيب) أو ترشح من الماء، التخثير-التنديف هو أيضا عملية معروفة  لمعالجة مياه الصرف الصحي والصناعي والمنزلي من أجل إزالة الجسيمات العالقة من الماء.

مقتبس من MRWA 2003

التخثير يزعزع استقرار وثبات شحنات الجسيمات، المواد المخثرة ذات الشحنات المعاكسة  لشحنات المواد الصلبة العالقة  تضاف للمياه وذلك لكي تعادل الشحنات السالبة على المواد الصلبة المشتتة غير القابلة للترسب مثل الطين والمواد العضوية.

وبمجرد أن تتم معادلة الشحنة  تكون الجزيئات العالقة الصغيرة  قادرة على الالتصاق معًا، ويطلق على الجسيمات الأكبر قليلًا التي تشكلت من خلال هذه العملية "ندف دقيقة "(للتوضيح: دقيقة في الحجم ) وتكون  ما زالت صغيرة جدًا لترى  بالعين المجردة، ويحتاج الأمر إلى طاقة عالية ومزج سريع من أجل الانتشار الجيد للمخثرات داخل الماء  وتعزيز تصادم الجسيمات لتحقيق تخثير جيد وتشكيل الندف المجهرية، لا يؤثر الإفراط في المزج على التخثير، ولكن المزج غيرالكافي لن يساعد على اكتمال هذه الخطوة، وقت التماس السليم في غرفة المزج السريع يكون عادةً 1-3 دقائق

Coagulation mechanism scheme. Source: SNF FLOERGER 2003

مقتبس من MRWA 2003

بعد التخثير يأتي التنديف وهو مرحلة خلط لطيف تزيد من حجم الجسيمات من ندف دقيقة  تحت مجهرية إلى جسيمات عالقة مرئية واضحة.

ومن خلال عملية الخلط البطيئة يتم جعل الندف الدقيقة على تماس مع بعضها البعض، ويؤدي اصطدام جسيمات الندف المجهرية الي ربطها  لتتنتج " ندف مرئية" أكبر حجمًا ، يستمر حجم الندف في البناء والنمو من خلال التصادمات الإضافية والتفاعل مع البوليمرات غير العضوية التي كونتها المادة المخثرة  أو مع البوليمرات العضوية المضافة، وتتشكل الندف الكبيرة الحجم،أما البوليمرات ذات الوزن الجزيئي العالي والتي تسمى مساعدات التخثير فيمكن أن تضاف خلال هذه الخطوة لمساعدة في تكوين جسور، وربط، وتعزيز الندف، وإضافة الوزن، وزيادة معدل الترسيب، وبمجرد وصول الندف لحجمها الأمثل وقوتها المثلى يكون الماء على استعداد لعملية الفصل (بالترسيب أو بالطفو أو بالترشيح)، ويقدر وقت التماس التصميمي للتنديف من 15 أو 20 دقيقة إلى ساعة أو أكثر.

Flocculation mechanism scheme. Source: SNF FLOERGER 2003

(مقتبس من SNF FLOERGER 2003)

في معالجة المياه دائمًا ما يطبق التخثير والتنديف  قبل الفصل الفيزيائي، وتتكون عملية التخثير- التنديف من الخطوات التالية:

1-التخثير-التنديف: استخدام الكواشف الكيميائية لزعزعة استقرار الجسيمات وزيادة حجمها والخلط و زيادة حجم الندف،

2- الفصل الفيزيائي بين المواد الصلبة من الحالة السائل ،وعادةً ما يتحقق هذا الفصل عن طريق الترسيب (التصفية) أو الطفو أو الترشيح.

الكواشف الشائعة هي:  المخثرات المعدنية و/  أو المخثرات العضوية  (عادةً ما يكون ملح الحديد و ملح الألومنيوم، و البوليمرات العضوية) ، وكذلك مضافات التنديف (السيليكا المُنشطة والتلك والكربون المُنشط وغيرها)، المندفات (المزغبات) الأنيونية أو الكاتيونية  وكواشف  ضبط الرقم الهيدروجيني مثل الأحماض أو القواعد،ويمكن أيضًا إضافة بعض العوامل الكلابة للمعادن  الثقيلة  لإزالة المعادن الثقيلة أثناء خطوة التخثير

Physical-chemical process involved in Coagulation-Flocculation. Source: SNF FLOERGER 2003

مقتبس منTRIPATHY and DE 2006                                      

يستخدم اختبار الكأس لتحديد المزيج الأكثر تلائمًا من المركبات الكيميائية والتركيزات لعمليات التخثير- التنديف، وهو اختبار يتم علي عدة دفعات ويتكون من استخدام العديد من الكاسات المتماثلة والتي تحتوي على نفس حجم وتركيز العينة ، والتي تشحن بنفس الوقت واحد بست جرعات مختلفة من المواد التي من الممكن أن تكون مخثرات فعالة ،ويمكن أن يتم رج وتقليب وتحريك الكؤوس الست  في وقت واحد وبسرعة محددة ومعلومة، ويتم خلط عينات المياه المراد   اختبارها بسرعة ثم ببطء ،ثم يسمح لها بالترسب ، وهذه المراحل الثلاث هي تقريب  للتسلسلات والمراحل التي تتم فى المحطات واسعة النطاق التي تضم أحواض للمزج السريع والتخثير والتنديف وأحواض الترسيب، وفي نهاية فترة الترسيب يتم سحب عينات الاختبار من الكؤؤس ويتم قياس العكارة للسائل الطافي، وبوضع العكارة المقاسة  في مقابل جرعة التخثير يعطي  مؤشرًا على الجرعة المثلى (أي الحد الأدنى المطلوب للحصول على التنقية والترويق المقبولين)، ومن ثم فإن المعايير التي سنحصل عليها من اختبار الكؤؤس  هي جودة الندف الناتجة وصفاء السائل الطافي بعد الترسيب، ويتم تصميم العملية بحجمها الكامل للمحطات بعد ذلك بناء على اختيار المواد وتراكيزها على مستوى المختبر.

للأسف يعاني اختبار الكأس  من عدة عيوب على الرغم من تطبيقه على نطاق واسع ، فهو اختبار متعدد الدفعات ( المراحل) الذي يمكن أن يستهلك ويهدر الكثير جدًا من الوقت، والنتائج التي تم الحصول عليها من سلسلة من اختبارات الكأس قد لاتتوافق مع النتائج التي تم الحصول عليها من المحطات.

مقتبس من منظمة الصحة العالمية WHO 1996

يتطلب تشغيل المخثرات ( أحواض التخثير) الملبدات ( أحواض التنديف) والمروقات عمال تشغيل مدربين، ويجب أن تُجرَى أعمال الصيانة بشكل دوري، أما الجوانب الرئيسية لتشغيل وصيانة المخثرات والملبدات والمروقات فهي:

• المخزون من المواد الكيميائية: يجب أن يكون هناك مخزون جيد (على الأقل يكفي لشهر من التشغيل).
• ضبط  الجرعات: الجرعات الصحيحة للمواد الكيميائية المخثرة  مهمة جدًا لإزالة المواد الصلبة العالقة بفاعلية وكفاءة، ينبغي أن تؤخذ عينات من المياه الخام بشكل دوري ويتم اختبارها بمجموعة من تركيزات المخثرات لتحديد معدل الجرعة المثلى من المخثر،وينبغي أن تستخدم النتائج لتعديل وضبط جرعة التخثير.

• الخلط السريع للمياه والمواد الكيميائية المخثرة عند النقطة التي تضاف فيها المواد الكيميائية أمر ضروري.

• وينبغي أن يتحقق التنديف عن طريق الخلط اللطيف وذلك لزيادة عدد التصادمات بين الجسيمات العالقة والندف لأقصى درجة بدون كسر الندف بسبب  الخلط السريع.

•  تصميم المحطة: يجب أن تكون وحدة التنديف والمروقات موجودة على مقربة من بعضها البعض، وينبغي أن تتدفق المياه ببطء بينهما وذلك لضمان عدم تكسر الندف.

أثناء فترة المعالجة بالتخثير- التنديف تتولد كمية كبيرة من الحمأة ( الروبة) من عملية الترسب، يمكن إعادة استخدام الروبة كسماد للزراعة في حال عدم وجود أي مركبات سامة، أما في حال وجود روبة سامة فيجب معالجة المخلفات الصلبة أو التخلص منها بطريقة ملائمة وسليمة بيئيًا.

العملية فى لمحة