الينابيع

عندما تأخذ المياه الجوفية طريقها إلى سطح الأرض وتبرز كثقوب مائية صغيرة أو بقع رطبة، فإنه يشار إلى هذا المعلم على أنه ينبوع أو تسرب (نزّ) مائي للسطح. وعلى النقيض من المياه السطحية . فإن المياه الجوفية هي عادة أعلى جودة. وقد أسفرت بعض مظاهر المياه الجوفية عن اهتمام بها أكثر من الينابيع. في هذا السياق، كانت الينابيع مسؤولة الى حد كبير عن تحديد مواقع المستوطنات القديمة (MEULIوWEHRLE 2001). في الوقت الحاضر، فإن التقنيات الحديثة تسمح بإنشاء الآبار المحفورة العميقة. ومع ذلك، فإن الينابيع لا تزال مصدراً هاماً المياه الجوفية لأنها عادة يمكن الوصول إليها بسهولة وتوفر بالعدة مياه شرب نظيفة (SMETوWIJK 2002).

انبثاق المياه الجوفية على السطح وتشكُّل الينبوع. المصدر: (FWT LTD (n.y

في كثير من المناطق الريفية غالبا ما يتم الوصول إلى مياه الينابيع دون أن تنفذ تدابير الحماية الكافيةأو دون تركيب أنظمة مستجمعات المياه المناسبة، ونتيجة لذلك يحدث تلوث للينبوع وبالتالي فإن جودة المياه لا تلبي معايير مياه الشرب القياسية. مدّ المياه من الينابيع بشكل صحيح يمكن أن يحسّن إمدادات المياه للمجتمعات بشكل كبير إذا تم  اتخاذ تدابير الحماية للينابيع

مقتبس من SMET وWIJK (2002)

لفهم إمكانيات مدّ المياه من الينابيع فإن التمييز بين ينابيع الجاذبية والينابيع الإرتوازيالإرتوازية بالغ الأهمية. بالإضافة إلى ذلك فإن نوع الينبوع وأساس مبدأه الهيدرولوجي له مقتضيات على كيفية حماية الينبوع.

تحدث ينابيع الجاذبية في طبقات المياه الجوفية غير المحصورة، حيث ينخفض سطح الأرض تحت منسوب المياه الجوفية، وأي انخفاض كذلك سيتم ملئه بالماء. عائد الماء من ينابيع انخفاض/ انحسار الجاذبية عادة ما يكون صغيراً وبالعادة يحدث مزيد من الانخفاض خلال موسم الجفاف أو عندما يؤدي سحب المياه الجوفية القريبة إلى انخفاضِ منسوب المياه الجوفية.

ينبوع انخفاض/ انحسار الجاذبية. المصدر, SMET & WIJK (2002)

يتم الحصول على عائد أكبر وأقل تغيراً من المياه مقارنة بينابيع انخفاض/ انحسار الجاذبية حيث تبرز طبقة غير منفذة من التربة - مثل منطقة صدعية صلبة أو طينية - تمنع تدفق المياه الجوفية للأسفل وتدفعها إلى الوصول إلى سطح الأرض. بما أن الخزان غير محميّ من قبل طبقة غير منفذة (كتيمة) فوق منطقة التفريغ، يمكن للملوثات أن تدخل النظام بسهولة وتلوِّث الينبوع من تحتها.  كما جميع أنواع ينابيع الجاذبية؛ فإن حماية الينابيع تلعب دوراً مهمّاً لضمان إمدادٍ آمن لمياه الشرب

ينبوع الجاذبية العالية. المصدر, SMET & WIJK (2002)

المياه الجوفية الإرتوازيالإرتوازية منعت من الارتفاع لمستوى منسوب المياه الحر عن طريق طبقة مغطيةٍ غير منفذة للماء. وهي تحت ضغط ثابت  وتبحث عن طريقها إلى السطح. إذا وجدت تشققات أو تصدعات في الطبقة غير المنفذة، فإن الماء يكن مدفوعاً للتدفق عبر هذه الفتحات حتى يصل إلى السطح حيث تشكّل الينبوع الإرتوازي.

ينبوع إرتوازي (صدعي) . المصدر, SMET & WIJK (2002)

تتبع الينابيع يتطلب الكثير من الخبرة العملية. أفضل الأماكن للبحث عن الينابيع هي على سفوح التلال والوديان النهرية. ودائماً ما ينصح بتحرِّ المصدر، والذي ما يفعله القرويون بالفعل لتلبية احتياجاتهم المائية. القرويون والناس الذين يعرفون المنطقة (مثل الصيادين والمزارعين، وما إلى ذلك) قد يوفروا معلوماتٍ عن مصادر مائية جديدةٍ محتملة. لمزيد من المعلومات حول كيفية تتبع الينابيع، استشر (MEULI and WEHRLI, 2001 pp.10).

استراتيجيات مختلفة لتتبع الينابيع. المصدر (MEULI & WEHRLI, 2001) 

بعد ان يُكتَشَفَ ينبوعُ يجب تقييم مدى ملائمته كمصدرٍ لمياه الشرب. وتُوفِّر دراسة الجدوى المعلوماتٍ والبياناتٍ لتصميم نظام إمدادات المياه ومن الممكن الأخذ بعين الإعتبار أي أثر بيئي ممكن. السكان المحليين مصدر مهم للمعلومات وينبغي أن تشارك في اتخاذ القرارات حول جدوى تنمية وتطور أي ينبوع خاص انظر ايضا ]9430- تحديد المعنيين [. وتشمل الجوانب التي يجب اخذها في الاعتبار كمية وجودة المياه، وموثوقيتها (انظر أيضا الوصول  للمياه والصرف الصحى ، و الحق في المياه والصرف الصحي و   الأمراض التي تنقلها المياه، مسببات الأمراض والملوثات    )، والاستخدامات الحالية المستقبلية (انظر أيضا  صراعات الماء  و القبول الاجتماعي والثقافي   لإمدادات المياه للأغراض المنزلية. لذا من الأفضل أن يتم دراسة جدوى معبرة وممثلة للمجتمع جنبا إلى جنب مع فريق من أفراد المجتمع (SMET  and WIJK, 2002).

قبل البدء في تصميم وتطوير أي نوع من مصادر المياه، ينبغي إجراء تقييم أولي لإدارة وتنمية الموارد المائية بفعالية وكفاءة. ويشمل هذا التقييم لتقدير الإتزان المائى (أي جمع البيانات الهيدرولوجية، وتحديد الوضع الراهن واتجاهات إمدادات المياه، ومدخلات ومخرجات التحليل، وتحليل تدفق المياه والمواد) و تقييم الموارد المائية  (أي تقييم ودراسة منهجية للموارد المائية فيما يتعلق بالتأثير البشري، على سبيل المثال تقييم الطلب (الحاجة للمياه)، وتقدير الاتجاه، وتحليل استخدام المياه وجودتها). عند مرحلة تحليل الطلب/الحاجة، فإن قضايا توزيع المياه تلعب دورا حيويا. ففي نهاية المطاف، يمكن أن يؤدي هذا التقييم إلى خطة تنمية الموارد المائية والتى تصف الوضع، وإدارة وتنمية مستقبلية للموارد المائية في منطقة مستجمعات مياه محددة.

بعد تحديد الينبوع الملائم، فإنه يجب بناء مستجمعات لمياه الينابيع لإتاحة الوصول للمصدر. عملية مشاركة السكان المحليين مهمة جدا لضمان انتماء ووعي القرويين للمشروع على المدى الطويل. ومع ذلك، لا بد من وجود رئيس عمال أو فني من ذوي الخبرة كمرشد حازم ( & MEULI WEHRLI 2001). بمجرد أن يتم بناء واعادة ملئ مدخل منطقة التجميع، على سبيل المثال لتصحيح الأخطاء، فإنها تكون عملية شاقة جدا. وبالتالي، هناك حاجة إلى الرعاية والخبرة لبناء الينبوع المناسب (SMET وWIJK 2002). وبناء مستجمعات الينابيع غالبا ما يتطلب الهياكل الخرسانية وبالتالي مواد مثل الأسمنت والرمل النظيف والحصى. ومن الواضح أن هناك حاجة إلى مختلف الأنابيب وأدوات البناء أيضا.