ماذا لو... رفعت مستوى مشاركة عملائك في عملية المساهمة بحل التحدّيات اللوجستية الرئيسية؟
في هذه الاستراتيجية، يعتبر العملاء شركاء رئيسيين ويحتلون موقعاً ملائماً تماماً للتعاون في إنشاء القيمة للخدمة/المنتج المقدمة/المقدم. إذا واجه المواطنون تحدّياً مشتركاً في مجتمعهم (المسائل المتصلة بالنفايات/الفضلات وعدم كفاءة أنظمة الصرف الصحيّ...)، يحتمل أن يصبحوا أكثر ترحيباً بالخدمة/المنتج التي/الذي تعالج/يعالج ذلك التحدّي بالإضافة إلى أنهم سيصبحون أكثر ميلاً لأن يكونوا جزءاً من الحل نفسه إن هم استثيروا بطريقة ذكية. ومن خلال بناء علاقات العملاء الفاعلة، يمكنك أن تفوّض جهة أخرى أمر تنفيذ بعض الأنشطة التي تتطلب الكثير من الموارد (مثلا: فرز النفايات)؛ عملاؤك هم هذه الجهة الأخرى! عندها، يمكنك تحقيق الاستدامة المالية وفي الوقت ذاته تحسين العلاقات مع عملائك وتعزيز الولاء لعملك لدى المجتمع.
تحويل التحدّيات إلى فرص
قد تكافح بعض مبادرات توفير الخدمات تحت مظلة الريادة الاجتماعية وتعاني في سعيها إلى إيجاد حلول للاختلالات في الخدمات المتصلة بإدارة النفايات والمياه والصرف الصحي والصحة...الخ لتحقيق الاستدامة المالية. في الغالب، يكون السبب في هذه المعانات ارتفاع كلفة الخطوات المطلوبة و/أو الوقت الطويل الذي تستغرقه عملية إنشاء القيمة. من الأمثلة على ذلك: اللوجستيات التي تحتاج إلى العديد من الأيدي العاملة لجمع النفايات وفرزها وإنشاء الطلب وارتفاع تكاليف البنية التحتية، غير أن الثمن الذي قد يتعين على العملاء دفعه للخدمات/المنتجات المطلوبة مرتفعاً جداً في القطاعات التي يتم التعامل معها وبخاصة في حالة الخدمات الأساسية التي يجب أن تكون ضمن القدرة المالية للجميع.
إذا أخذنا إدارة النفايات كمثال، نلاحظ أن التكاليف المرتبطة باللوجستيات اللازمة لجمع النفايات من الباب إلى الباب (من باب المنزل إلى المحطة) وبعد ذلك فرزها في مستودعات مجهزة ببنية تحتية عالية الكلفة. حيث إن نفايات المنازل ما زالت بحاجة إلى إدارة وهوما يستدعي إيجاد طريقة لتقليص الوقت أو خفض الاستثمارات المالية لكلا الطرفين: المنزل والمنشأة. إنها نقطة التقاء حيث أن تحويل نشاط أساسي من أنشطة العمل مثل فرز النفايات أو تسليمها إلى نقطة جمع مركزية إلى أحد العملاء يخفض من تكاليف العمل؛ وهذا – بدوره – يخفض سعر الخدمة/المنتج المقدمة/المقدم إلى العميل. إيجاد طرق خلّاقة لإشراك العملاء في عملية إنشاء القيمة يمكن أن يحوّل تحدّيات الكلفة المترتبة على توفير الخدمة إلى فرص لتأسيس نماذج ابتكارية لتقديم الخدمة.
الانتقال نحو استراتيجية
في الريادة، يشير مفهوم الإبداع المشترك إلى عملية تصميم منتج أو خدمة تلعب فيها/فيه مدخلات العملاء دوراً مركزياً. هناك تشابه بين الفكر الذي تقوم عليه استراتيجية "اجعل عملاءك يعملون" وذلك الذي يستند إليه الإبداع المشترك لأنها تثمّن مدخلات العملاء. فمن خلال إشراك العملاء في حل بعض التحدّيات اللوجستية أو الأنشطة التي تعتمد اعتماداً كثيفاً على الموارد (كثيفة الموارد)، يمكنك أن تخرج بحصيلة من المنافع للعملاء ولعملك التجاري أيضاً.
في الغالب، المسألة وما فيها أن تحديد اتفاقية متبادلة بين عملك التجاري وعملائك تُؤسَّس على الثقة والاتصال الجيد. من خلال إنشاء علاقات قوية مع العملاء، يمكن أن يصبح من الأسهل عليك تحويل بعض الأنشطة اللوجستية أو التي تتطلب الكثير من الموارد في عملك إلى العملاء الذين يمكنهم تنفيذها على مستوى أعلى من الكفاءة وبسعر منخفض. في هذه الحالة، لا يُعامل العملاء على أنهم مستخدمون للمُنتَج النهائي وحسب، بل كشركاء قيّمين ولهم أهميتهم في العمل.
الحفاظ على علاقات قوية مع العملاء أمر مهم إذا كان العملاء يشاركون في إنشاء القيمة للخدمة/المنتج التي/الذي تقدمها/تقدمه؛ كما يرفع من مقترح القيمة. للمساهمة في إنشاء القيمة، على العميل أن يثق بك كشركة وأن يلتزم برسالتك ورؤياك وقد يتطلب هذا في أغلب الأحيان استثمارات أولية كبيرة لكن يمكن في نهاية المطاف وعبر بناء علاقات مع العملاء تيسير الوصول إلى العملاء وخفض كلفة هذا الوصول من خلال مختلف القنوات التي يجري من خلالها تحديث معلومات الخدمة وبث الإعلانات الخاصة بها.
بالطبع، يجب أن يدرك العملاء منافع التعاون مع عملك التجاري. هنا، تدعو الحاجة إلى إجراء تحليل معمّق لسلوك العملاء لتصميم حوافز ذكية لشريحة العملاء المستهدفة. في بعض الحالات، يمكن أن توفّر مواقف الأزمات أو حتى الاتجاهات (الترندات) نوافذ للفرصة لإشراك العملاء في حل المشاكل التي يعالجها عملك الاجتماعي/الأخضر. عندما تتم توعية الناس فعلاً بالموضوع الضاغط الذي تقوم بمعالجته (التلوث، الفساد، الفقر...) يكون من الأسهل لك جذبهم إليك وضمّهم إلى عملك وهذا يخفف من التكاليف الأولية المرتبطة بإشراك العملاء.
بغض النظر عن مستوى معرفة/وعي عملائك بالأمور، من المهمّ لك أن تتأكد من حصولهم على المعلومات باستمرار ومشاركتهم واقبالهم على تنفيذ الأنشطة ذات الصلة. لتحقيق هذا، من المهم للعمل الاستعانة بقنوات التوعية الراسخة التي تسمح بالوصول الفاعل إلى الجمهور المستهدف (أو على الأقل إلى نسبة جيدة منه. إذا كانت هذه القنوات متوفرة أو يمكن الوصول إليها، يمكنك التخفيف من الاستثمارات اللازمة لإنشاء قنوات الاتصال ولفت انتباه العملاء لها؛ في هذه الحالة، يمكن لعملك أن يتقدم وبسرعة في بناء علاقات العملاء وتوفير المعلومات حول المساهمات المطلوبة وبالطبع بيع الخدمة/المنتج أيضاً.
حالة دراسة (1)
Live Love Recycle is a recycling initiative in Beirut, Lebanon, that was created from the pressing need to solve the waste crisis in the city.It provides a door-to-door waste collection service upon request and transports the waste to its different warehouses in the city.
Live Love Recycle [عش، حب وأعد التدوير] عبارة عن مبادرة إعادة تدوير في بيروت، لبنان أنشئت بسبب الحاجة الضاغطة لحل أزمة النفايات في المدينة. توفر هذه المبادرة خدمة جمع النفايات من الباب إلى الباب بناء على الطلب ونقل النفايات إلى مختلف مستودعاتها في المدينة.
تطلب مبادرة Live Love Recycle من العملاء فرز النفايات إلى مختلف أنواع المواد القابلة لإعادة التدوير في المنزل. من خلال تطبيق سهل الاستخدام، يطلب العملاء نقل النفايات الموجودة لديهم. تعتمد مبادرة Live Love Recycle على الاتصال الفاعل مع العملاء وجعلهم يقومون بنشاط فرز النفايات في مصدرها وهو نشاط يتطلب الكثير من الموارد لو كان سيُنفّذ بطريقة أخرى. عبر تفويض هذا النشاط، يمكن للمنشأة أن تخفف من استثماراتها في مرافق الفرز وما يترتب عليها من تكاليف تشغيلية. وهذا –بدوره – يسمح بالتخفيف من الرسوم المفروضة على العملاء مقابل الخدمة المقدمة لهم. بالنسبة لـ الاتصال والوصول إلى العملاء، هناك شراكة تجمع بين Live Love Recycle مع منصة Live Love Beirut وهي عبارة عن سلسلة قيمة ذات توجّه مشابه نحو تحقيق الاستدامة وترعى العمل الاجتماعي بالإضافة إلى إنشائها لما يعرف بمجتمعات الأمل. توفر قناة الاتصال هذه لـ Live Love Recycle طريقة كفؤة الكلفة لإيصال رسائل رئيسية إلى عملائها الواعدين وهي رسائل تتصل بفرز النفايات في المصدر. وفي الوقت ذاته، هي قناة عظيمة لكسب العملاء.
كان التوقيت الذي شهد تأسيس مبادرة Live Love Recycle عاملاً آخر مهمّاً من عوامل النجاح: ففي أوج أزمة النفايات في لبنان في 2015/16، رفع العامة الصوت عالياً مطالبين بتوفير إدارة مستدامة للنفايات. لم تكن الحلول مواكبة للحدث ولم تحقق مبتغاها على الرغم من توعية العامة. لقد وفر هذا المزيج نقطة انطلاق عظيمة لرفع مستوى مساهمات العملاء لإيجاد حلول الإدارة المستدامة للنفايات.
عرض عمل مبادرة Live Love Recycle
المصدر:Live Love Recycle
حالة دراسة (2)
Green Track [المسار الأخضر] عبارة عن مبادرة مستوحاة من الواقع المحلي في طرابلس والتي تركّز على التغيير السلوكي في إدارة النفايات الصلبة لدى المقيمين في جبل محسن وهو أحد الأحياء السكنية في طرابلس – لبنان والذي يُشتهر بارتفاع نسبة الصراعات فيه. تقوم مبادرة المسار الأخضر بنشاطيْن اثنين: النساء الخُضر – فريق من نساء المجتمع ذاته يعملن على نشر الوعي بشأن ممارسات إعادة التدوير من خلال الذهاب من باب إلى باب؛ والرجال الخُضر – فريق من الرجال الذين يفرزون المواد القابلة لإعادة التدوير إلى أماكن تصنيفها حسب نوعها ومن ثم يبيعونها (وبالتالي يصنّفون تحت نموذج RRR - تحديد المصدر، الاسترجاع وإعادة الاستخدام Resource Recovery Reuse. تم تزويد حوالي 600 منزل تخدمها فرق المسار الأخضر بسلال نفايات. من المتوقع خدمة المزيد من الأحياء السكنية في المستقبل. تؤمن مبادرة المسار الأخضر بأنه من الممكن للنفايات أن تكون عاملاً ميسّراً للتفاعل الاجتماعي في الأحياء السكنية وبخاصة تلك الأحياء التي تشهد توترات سياسية مثل جبل محسن. تشكل النفايات قضية يمكن أن ترتبط بكل فرد من أفراد المجتمع؛ لذا، هي تحدّ مشترك يدعو إلى حلّ مشترك. ما زالت مبادرة المسار الأخضر في المرحلة الأولية لتوعية السكان بأهمية إعادة التدوير. إنشاء علاقات عملاء قوية والتوعية هي الخطوة الأولى من خطوات الاستراتيجية؛ تحقق المبادرة هذا من خلال الاتصال من باب إلى باب (على خلاف Live Love Recycle والتي تنجزها من خلال تطبيق)؛ يشتمل هذا النوع من الاتصال على إرسال المجموعات المدرّبة من النساء المحلّيات إلى المنازل في الحيّ السكني مع أخذ العوامل الديناميكية الحيوية والشكوك الموروثة نحو الغرباء في جبل محسن بالحسبان من خلال بناء الثقة عبر لقاءات وجاهية وديّة.
من خلال السمع عن فرز النفايات في مصدرها من أفراد المجتمع الآخرين، يتحفّز السكان المحليّون للمضي على خطى أولئك الذين سبقوهم إلى هذا الجهد ويحاولون تطبيق النهج الجديد. بالإضافة إلى ذلك، تحرص النساء الخُضر من أخذ الوقت الكافي لتقديم شرح مستفيض حول متطلبات الفرز في المصدر ما يؤدّي أيضاً إلى إنشاء جيل أكثر معرفة بعيداً عن وسائل الإعلام. حالما تنجز هذه الخطوة بنجاح، يصبح بالإمكان تفويض إنجاز بعض الأنشطة التي ينفّذها الآن الرجال والنساء الخضر إلى السكان أنفسهم.
العمل مع المجتمع المحلي. المصدر: المسار الأخضر – صفحة الفيسبوك