ماذا لو...رفعت أثرك وحصتك في السوق من خلال التوسّع عبر عقود العمل بامتياز؟
تشهد الظاهرة الحديثة للمنشآت الاجتماعية ازدهاراً حول العالم حيث أنها تقدم فرصة معالجة بعض التحدّيات البيئية أو الاجتماعية بطريقة مستدامة اقتصادياً. تظهر ملاءمة نموذج المنشأة الاجتماعية على نحو خاص في البلدان التي لا يتمكن فيها القطاع الخاص والقطاع العام من التصدّي لمثل هذه التحدّيات لأنهما غير مُؤهَّلٍيْن أو غير مستعدّيْن لذلك. على عكس ما قد يخطر على بال الشخص، فإن هذا النموذج ليس "رصاصة فضيّة" [الرصاصة التي إن أطلقتها خلّصتك من جميع مشاكلك مرة واحدة] أما السبب الرئيسي في هذا، فهو غياب الفرص أمام الأعمال للتوسع وتحقيق أثر أكبر. في هذه الحالات، وعند اعتماد المنشأة الاجتماعية لنموذج العمل بموجب امتياز، يمكن لـ "الامتياز الاجتماعي" أن يقدم حلّاً مجدياً وابتكارياً للمنشآت الاجتماعية الراسخة وتلك الصغيرة منها والتي ما زالت في طور النشوء. العمل بامتياز عبارة عن ترتيب بين طرفيْن يمنح بموجبه أحد الطرفين (مانح الامتياز) الطرف الآخر (صاحب الامتياز) الحق في استخدام علامته التجارية واسمه التجاري و/أو أنظمة وإجراءات العمل لديه مقابل رسم يدفع مرة واحدة ونسبة مئوية من إيراد المبيعات وهذه النسبة هي رسوم حق الامتياز.
تحويل التحدّيات إلى فرص
يمكن أن يكون تأسيس عمل في قطاع المياه والصرف الصحي أو إدارة النفايات مكلفاً جدّاً في أغلب الأحيان ويتطلب موارد كثيفة وبخاصة عند التعامل مع بنية تحتية معقّدة، وأجهزة ثمينة بالإضافة إلى حاجته لمعرفة متخصصة بالقطاع ووجود أطر عمل قائمة. لذلك، يمكن أن يبدو تأسيس نموذج عمل من الصفر في هذا القطاع أمراً غامراً/مربكاً حيث إن امتلاك الموارد الضرورية والقدرات ليس بالأمر الممكن دوماً. هذا هو الحال تحديداً في السياقات التي لا تحظى بالخدمات الكافية حيث ينخفض الدعم الذي تقدمه الدولة و/أو الحوافز التي تقدمها وحيث الوصول إلى المعرفة الضرورية وشبكات العمل على مستوى أعلى من التحدّي. إن جمعنا هذه العقبات كلها مع بعضها البعض، يمكن أن يواجه العديدون صعوبة في تطوير واختبار فكرة عمل واعدة في قطاع المياه والصرف الصحيّ أو إدارة النفايات وتنفيذها بنجاح؛ وحتى يمكن أن تحبط هذه العقبات مجتمع الرياديين الاجتماعيين الواعدين وتثنيهم عن تأسيس أعمالهم الخاصة.
من ناحية أخرى، قد تفتقر المنشآت الاجتماعية الراسخة في القطاع وذات نماذج العمل الناجحة والتي قد تفكّر في الدخول إلى سوق جديد من خلال التوسع في العمل أو خارجه إلى المكوّنات الرئيسية للنجاح في إدارة فرع ضمن ترتيب جديد. قد تفتقر هذه المكوّنات إلى:
- شبكة عمل محليّة
- دعم المجتمع
- معرفة السوق المحلي
لربما حدّدت هذه الشركات/المنشآت سوقاً ما واعداً، ولكنها لا تمتلك – بالضرورة – شبكات العمل المحليّة أو السوق الملائم والمعرفة الثقافية لفتح فرع هناك. وإن لم يكن لديها ما يكفي من الموارد لتطوير هذه القدرات، تُصبح استراتيجية الامتياز الاجتماعي مفيدة في هذا السياق.
الانتقال نحو استراتيجية
يمكن تكييف استراتيجية الامتياز الاجتماعي على أفضل مستوى إذا وجد عمل محليُّ قائم وريادي نقطة التقاء تسمح لكلا الطرفين بأخذ ما يرغبان فيه (أو تقريباً كل ما يرغبان فيه)؛ يمكن للريادي المحليّ أن يدير عملاً اجتماعياً بنجاح (مع نموذج عمل مثبت) من شأنه أن يحدث أثراً إيجابياً على مجتمعه ويمكن للشركة القائمة أن تتوسع من خلال تكرار نموذج عملها كلياً أو جزئياً لرفع أثرها وزيادة إيراداتها والتوسع في أسواق جديدة.
في حين أن الدافع الرئيسي خلف الامتياز هو الربح، يبقى الدافع للامتياز الاجتماعي هو الهدف الاجتماعي. لقد وصف فريق القطاع الاجتماعي في الجمعية الدولية للامتياز الامتياز الاجتماعي على أنه "تطبيق طرق ومفاهيم الامتياز التجاري لتحقيق الأهداف ذات المنفعة الاجتماعية" (الامتياز المباشر، 2019).
تدرك استراتيجية الامتياز الاجتماعي أن هناك العديد من الرياديين القادرين في كل مكان ولديهم حلول وأفكار عظيمة للتصدّي للتحدّيات الاجتماعية البيئية وهم يضعون أنفسهم في مخاطرة عدم ملاحظة الآخرين لوجودهم نتيجة للهياكل الاقتصادية غير الداعمة. كما تعي الاستراتيجية أن العديد من المنشآت الاجتماعية القائمة والمعروفة (حتى الدولية منها) قد ترغب في التوسع في مواقع مختلفة، ولكنها تفتقر إلى المعرفة المحليّة بالسوق والثقافة في ذلك الموقع. عمل المنشأة الاجتماعية القائمة والمعروفة بموجب عقود امتياز مع المنشآت الصغيرة والتي تشترك معها برسالة اجتماعية أو بيئية مشابهة لا يمكن أن يحقق أثراً أفضل وأكبر على المجتمع وحسب، بل يمكن أن يسمح لكلتي المنشأتين بالازدهار بما في ذلك مالياً. الاستراتيجية ضرورية لتكرار نموذج عمل اجتماعي ناجح في سياق مختلف والقيام بهذا من خلال الامتياز. وهذا يعني أن مسؤولية العمل الجديد الرئيسية قد تركت للرياديّ المحلّي والذي يكرر نموذج عملك في السوق المحلي. يحصل هذا الامتياز – بدوره – على الدعم الضروري والحوافز والقدرات اللازمة لإدارة وتشغيل عمل ناجح ولا يتعيّن عليه تحمّل جميع المخاطر المتصلة بتطوير نموذج عمل من نقطة الصفر.
من المهم طبعاً إجراء تقييم قبلي لطالب الامتياز المحتمل والسوق المحلي لمعرفة فيما إذا كان نموذج عملك المكرر وأسلوب العمل يستطيعا أن يحققا النتائج المرجوة. قد يستفيد صاحب الامتياز في حالات معينة على سبيل المثال فقط من تكرار بعض العناصر الموجودة في نموذج عملك. لتجنّب سوء التفاهم وإدارة التوقعات لدى الطرفين، من الضروري إنشاء اتفاقية بين مانح الامتياز والمستفيد منه (صاحب الامتياز). وينبغي لاتفاقية من هذا القبيل عادة أن تغطّي النقاط الأساسية التالية:
- الملكية والبنية التحتية والتوظيف لدى صاحب الامتياز:
ينبغي أن يكون واضحاً لكلا الطرفين ومنذ البداية من سيملك العمل ومن الذي سيكون مسؤولاً وعن ماذا سيكون مسؤولاً. ينبغي أن تشتمل الاتفاقية على وصف للموقف القانوني لصاحب الامتياز، وأية أرقام تراخيص ذات صلة، واعتماد موفّري الخدمة وتواريخ انتهاء الصلاحية. كما يجب أن تتم الإشارة إلى الموقع الذي ستتوفر فيه الخدمة بالإضافة إلى عناوين المرافق. ينبغي أن يكون هناك وصف تام لمراكز الموظفين الذين سيقدمون الخدمة. من المهم للغاية أيضاً أن تنصّ الاتفاقية على أن صاحب الامتياز سوف يعلم مانح الامتياز بأية تغييرات في الملكية، الموقع، أو فئة الموظفين المتعلقة بالخدمات المقدمة بموجب شروط الاتفاقية.
- حزمة الخدمات التي سيوفرها صاحب الامتياز:
يجب أن تشتمل الاتفاقية على قائمة الخدمات التي سيقدمها صاحب الامتياز.
- العلامة التجارية والتسويق
يجب أن تحدد شروط الاتفاقية وأحكامها الطريقة التي سوف يستخدم بها صاحب الامتياز العلامة التجارية الخاصة بمانح الامتياز والتسويق بما فيها الغرض من هذه الخدمات.
- مراقبة جودة الخدمات التي يقدمها صاحب الامتياز:
ينبغي للاتفاقية أيضاً أن تحدد الطريقة التي سيحقق بها صاحب الامتياز متطلبات العلامة التجارية ومعايير الجودة وإلى أي مدى سيكون كل فريق مسؤولاً عن مراقبة الجودة. يمكن أن يشمل هذا التأكد من امتلاك الموظفين للمهارات الضرورية لتحقيق معايير العلامة التجارية أو تماشي نماذج توفير الخدمة مع متطلبات مانح الامتياز وشروطه.
- التقارير
ينبغي تحديد عدد المرات التي تصدر بها التقارير ومحتوياتها بالإضافة إلى التدريب والدعم اللذيْن سوف يوفرهما مانح الامتياز.
- المحددات
وصف المحددات لدى الطرفين ووصف الشروط التي سوف يستخدم صاحب الامتياز العلامة التجارية بموجبها. يُستحسن وضع بند تعويض لحماية مانح الامتياز من المسؤولية أو المطالبة على خلفية الممارسات السيئة من جانب صاحب الامتياز.
- المدة الزمنية للاتفاقية/تجديدها/إنهاؤها:
هنا ينبغي وصف المدة الزمنية للاتفاقية بالإضافة إلى إجراءات تجديدها أو إنهائها.
- الترتيبات المالية:
ينبغي صياغة الاتفاقيات المالية بين كلا الطرفين بوضوح بما في ذلك رسوم العضوية وإدارة أموال المنح والتقارير المالية والدعم...الخ.
الإيجابيات والسلبيات
بالطبع هناك إيجابيات وسلبيات في هذه الاستراتيجية ويجب وضع الشروط موضع التنفيذ حتى تحقق النتائج الإيجابية – سواء من طرف مانح الامتياز أو من جانب صاحب الامتياز.
ما هي المنافع المحتملة للاستراتيجية؟
- رفع درجة الأثر الاجتماعي وتسريعه
- باعتماد هذه الاستراتيجية، أنت تعمل على تمكين الملكية المحليّة للعمل بالإضافة إلى خلق فرص العمل. يتماشى هذا بشكل أكبر مع الأخلاقيات ومع أهداف التنمية المستدامة
- مركزية الخدمات العامة تخفف من التكاليف/الجهود التي تبذلها المنشآت في مختلف المجتمعات.
- إنشاء اقتصادات تشغيلية ذات الحجم (اقتصادات الحجم) من خلال تكرار نموذج العمل والتوسع به
- مساعدة أفكار(أصحاب أفكار) الأثر الاجتماعي ذات الإمكانيات العالية على الحصول على الدعم اللازم حيث إن المورّدين في الغالب لن يتعاملوا مع الأعمال الجديدة (إذا لم تكن لديها حسابات كافية) من خلال استراتيجية المنشأة الاجتماعية.
- رفع درجة الوعي بالعلامة التجارية
أمور ينبغي التفكير بها قبل التحوّل إلى صاحب امتياز اجتماعي
- قبل أن تغامر في الامتياز الاجتماعي، من المهم تماماً أن تكون شركتك قد وضعت منهج عمل ونظاماً لنموذج عملك. فهذا ما يمكّن لاتفاقية الامتياز العمل بشكل أفضل وسوف يجعل التجربة برمّتها سهلة لكلا الطرفين.
- تأكد من أنك قد قمت بواجبك قبل الالتزام وأنك واثق من أن صاحب الامتياز الجديد سوف ينجح في العمل ويحافظ على سمعة شركتك.
- اختر فيما إذا كنت ترغب في تكرار نموذج عملك برمّته أو فقط بعض العناصر منه
- هل تأكدت من امتلاكك للموارد والقدرات الصحيحة وأنها في مكانها الصحيح للتوسع من خلال الامتياز سواء كان هذا الامتياز كبيراً أو صغيراً؟
- قرر فيما إذا كان هذا الامتياز (أو يمكن أن يكون) متماشياً مع ثقافة شركتك واهتماماتها
- ما هو مقترح القيمة الذي ينفرد به صاحب الامتياز؟ هل تأكدت من وجود طلب على الخدمة التي سوف تقدمها في السوق الجديد الذي تستهدفه من خلال صاحب الامتياز؟
- افهم السياق القانوني الذي تعمل فيه: اعتماداً على البلد الذي تستهدفه والبلد الذي تعمل فيه، فغياب إطار العمل القانوني للامتياز يمكن أن يؤدي إلى توترات ويعرّض شركتك للمخاطر.
دراسة حالة (1)
هناك العديدة من الأمثلة على حالات الامتياز الاجتماعي حول العالم بالإضافة إلى وجود نزعة متنامية لتكرار نماذج الأعمال الناجحة أو تكرار طريقة عمل المنشآت في قطاع الأعمال الخيرية من خلال اتفاقية امتياز. فجمعية التثقيف الصحي للطفل الخيرية والتي تتخذ من لندن مقرّاً لها والمعروفة باسم Coram Life Education (CLE) كورام للتثقيف الحياتي مثال ممتاز على جمعية خيرية راسخة سعت إلى التوسع في أثرها الاجتماعي من خلال اعتماد نموذج الامتياز الاجتماعي. لدى الجمعية أكثر من 24 عقد امتياز (معظمها جمعيات خيرية صغيرة) تصل إلى نحو 800,000 طفل كل سنة وتعلّمهم عادات الأكل الصحيّ وتثقفهم حول الأثر الصحي للمخدرات والكحول. يقترح أصحاب الامتياز الواعدون عادةً نموذج عمل على مجلس إدارة جمعية كورام وإن قبل هذا النموذج، تُبرم اتفاقية امتياز حيث يحصل صاحب الامتياز على نموذج عقد وأحكام تأسيس الجمعية بالإضافة إلى الدعم من أجل مراقبة الجودة وجمع الأموال.