من نفايات إلى نقود

في أغلب الأحيان، يستغرق الحصول على المواد الخام من مصادرها وقتاً بالإضافة إلى ارتفاع ثمنها بالنسبة للشركات الناشئة. بالإضافة إلى ذلك ، تتردد الشركات الناشئة العاملة في مجال البيئة بشكل خاص في الاعتماد على استعمال المواد الخام إذ قد تكون لها آثار ضارّة يدفع ضريبتها النظام البيئي مثل الاعتماد على المصادر الطبيعية النادرة في العالم أو على مادة تُستخدم أيضاً استخداماً واسع النطاق لغرض آخر. وفقاً للقول "نفايات امرأة/رجل هي كنز امرأة/رجل أخرى/آخر"، اتجه بعض الرياديين إلى المواد المهملة ليحيونها من جديد من خلال إعادة تدويرها لتصبح منتجات جديدة بالكامل بحيث تكتسب المادة التي كانت مهملة قيمة ملحوظة في أغلب الأحيان عبر تحويلها إلى مُنتجٍ جديد.  تُساعد هذه العملية في إعطاء قيمة ملحوظة للمادّة من خلال تحويلها إلى منتج جديد.

حسب تقديرات البنك الدولي، ينتج العالم ما يقارب 3.5 مليون طن من النفايات الصلبة في اليوم – وهو رقم مذهل يشمل المواد البلاستيكية وفضلات الطعام والحمأة وأنقاض الأبنية بالإضافة إلى مواد أخرى. للوهلة الأولى، تبدو هذه المواد المهملة  وقد استهلكت تماماً ولم يبقَ لها أي وظيفة الآن سوى أن تضيف عبئاً هائلاً على بيئتنا التي ترزح فعلاً تحت أعباء ثقيلة.

من ناحية أخرى، تواجه الشركات الناشئة في مجال الإنتاج والتصنيع تحديات عندما يتعلق الأمر بالحصول على المواد البكر (غير المعاد تدويرها) المطلوبة من مصادرها.  ففي أغلب الأحيان، يصعب تأمين المواد الخام أو المواد الأساسية المستخدمة في الإنتاج أوالتصنيع الأولي للبضائع والتي إن توفّرت، تكون مرتفعة الكلفة. بسبب تزايد الوعي البيئي والاجتماعي ، يرغب العديد من الشركات الناشئة في تجنب المواد التي قد تكون خطرة بحد ذاتها أو تحيط بها المخاطر أو من الصعب إعادة تدويرها.

في حالة الإلكترونيات أو تحديداً المواد ذات التقنية المتقدّمة، هناك منافسة متزايدة عالمياً بشأن بعض المواد البكر والتي يفسد العديد منها بسبب الشكوك التي تحيط  بممارسات استخراجها أو الحصول عليها من مصادرها والتي تُعرف بالمواد المتضاربة. في الوقت ذاته، يؤدّي الطلب المتزايد على البضائع الاستهلاكية إلى إهمال موادَّ معيّنة مبكراً واستبدالها بمنتجات جديدة.

في أنحاء عديدة من العالم، لا تحظى معايير إعادة التدوير بالالتزام بها دوماً ما يؤدّي إلى ضياع العديد من الموارد واختفائها في مكبّات النفايات حتى وإن كانت تؤدّي – إلى حدّ بعيد -  الغرض الذي وجدت من أجله.

يستفيد ريادو الأعمال من هذه الموارد من خلال الحصول عليها مباشرة من المواد التي أهملها الآخرون ويرفعون قيمتها من خلال الإنتاج والتصنيع الماهريْن.

بغض النظر عن مزايا هذه الاستراتيجية، عليك أن تأخذ أمريْن اثنيْن بالحسبان عند التفكير في السير قدماً في استرجاع هذه النقايات/الفضلات وإعادة تدويرها.

• هناك منافسة تحيط بالفضلات/النفايات حقاً وبخاصة تلك التي لها قيمة ولم يجر عليها تعديل بعد – على سبيل المثال: في أغلب الأحيان، يسعى الأشخاص الذين يجمعون الفضلات/النفايات بداية إلى فرز المواد الأكثر قيمة منها.
• قد توجد صعوبة في استخلاص المواد أحياناً بالإضافة إلى تعقيدات هذه العملية وما تتطلبه من تقنيات متقدّمة. لذا، لا بدّ من تقييم كلَّ حالة على حِده لتحديد فعالية الكلفة والجودة والأمان حتى وإن كانت النتائج المتحققة تستحق هذا العناء كلّه.

ثمة منفعة رئيسية واضحة لاستراتيجية محددة للحصول على المادة الخام من الفضلات/النفايات ورفع قيمتها من خلال دورة الإنتاج: يمكن الحصول على الفضلات/النفايات بمختلف أشكالها وتنويعاتها دون مقابل، بسعر رخيص أو على الأقل أرخص من المادة الخام الجديدة المماثلة لها. من الجدير بالذكر هنا أن اتباع هذه الاستراتيجية يسمح للشركة الناشئة ان تكون سبّاقة عن طريق المساهمة في الحد من كمية الفضلات/النفايات المتكاثرة التي تلوّث كوكب الأرض حالياً.   

استبدال المواد الخام بتلك المسترجعة وإعادة دمجها في عملية الإنتاج يعطيها حياة ثانية بدلاً من أن ينتهي بها المطاف في مكبِّ النفايات. يساعد ذلك في التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة والحد من الضرر البيئي بالإضافة إلى ما تضفيه من مصداقية ومقترَح القيمة الذي تقدّمه ونزاهتها إزاء قاعدة العملاء التي تضاهيها في توجّهاتها دوماً على عمل الشركات الناشئة التي لديها اهتمامات اجتماعية. لا تنتهي المنافع هنا حيث أن نقل المواد الخام إلى وجهتها المقصودة يستهلك في معظم الأحيان كميات كبيرة من الوقود لتخضع في نهاية المطاف إلى المعالجة؛ ومرّة أخرى تحتاج إلى وسائط نقل حتى تصل إلى المستهلك النهائي.  من خلال التعاقد مع جهات محليّة للتعامل مع هذه النفايات، يمكنك أن تُسهم في التخفيف من طول سلاسل التزويد تلك.

في هذه الاستراتيجية، من المهم أن تلتفت إلى  حقيقة مفادها أنه ينبغي اعتماد نموذج العمل الخاص بالشركة الناشئة لرفع العائد على مخرجات العمل بأكبر قدر ممكن. مثلاً: عند جمع الفضلات العضوية لإنتاج سماد الكومبوست، ينبغي أن يكون الهدف النهائي للتمرين زراعة الأزهار أو الاعشاب مرتفعة القيمة والتي من الممكن بيعها بهامش ربح أعلى بكثير.

أورغنيكلين  شركة لبنانية ناشئة مخصصة في توفير منتجات النظافة الخضراء (الصديقة للبيئة) والمستدامة باستخدام المصادر الطبيعية بدلاً من الكيماوية. يحاول القائمون على الشركة المساهمة في إدارة الفضلات العضوية من خلال تحويل الفضلات الزراعية (الفواكه والخضروات) إلى منتجات استهلاكية جديدة فريدة من نوعها وذات قيمة. انطلقت الشركة في عملها بجمع قشور البرتقال المهملة من بائعي الفاكهة وإعادة تدويرها على شكل ألواح صابون عالية الجودة؛ هكذا، استطاعت الشركة الحصول على حصة كبيرة من المادة التي يتطلبها الإنتاج من مصادرها دون مقابل وفي الوقت ذاته تمكّنت من رفع القيمة الجوهرية لمنتجاتها النهائية.

منتجات أورغنيكلين منتجات تأخذ البيئة وشؤونها بالاعتبار ويمكن تسويقها إلى شريحة واسعة من المستهلكين. على سبيل المثال، من الممكن أن تجتذب هذه المنتجات العملاء ذوي الوعي البيئي المهتمّين بمكوّنات المنتجات التي يستهلكونها بالإضافة إلى أنها تقدّم حلّاً واسع النطاق لمشاكل النفايات الناجمة عن مناديل العناية بالطفل الصحيّة التي تُرمى هنا وهناك. توفر الشركة حلولاً على شكل منتجات متنقلة تتحلل بيولوجياً لمخيمات اللاجئين والمجتمعات المستضعفة التي تعاني في الغالب من تراكم النفايات تحديداً. 

محمد وعبد – المؤسسان الشريكان لأورغنيكلين يقدمان ألواح صابون من قشور البرتقال خلال فعالية للتشبيك في بيروت

المصدر: أورغنيكلين   OrganyClean