أثر الطبيعة

تنبثق استراتيجية أثر الطبيعة من العمليات الطبيعية وتعرّفها، وتكيّفها وتطبيقها كونها بدائل مناسبة ثقافياً واقتصادياً ومالياً وبيئياً واجتماعياً للنُهُج التي تصعب هندستها والتي ترتكز على التكنولوجيا. لذا، تتطلب هذه الاستراتيجية فهماً عميقاً للعمليات الطبيعية والكفاءات/الخبرة في الهندسة البيئية. كما أنها تدعم الحلول القائمة على الطبيعة والتي تحقق منافع متعددة وتدعم التنمية المستدامة والتكيّف والصمود.

في يومنا هذا،  تُطرح في معظم الأوقات حلولٌ متقدمة ذات تقنية عالية للتعامل مع التحدّيات في مجالات المياه، والصرف الصحي  و الصحة وإدارة الموارد. غير أن هذه الحلول قد تكون غير ملائمة للسياقات المحلية في أحيان كثيرة لأنها لا تلبّي قدرات العملاء ومواردهم واحتياجاتهم. في مثل هذه السياقات، يمكن للحلول التكنولوجية أن تبدو جذابة في البداية ولكنها غير مستدامة في أغلب الأحيان ولا تحقق المنافع المرجوّة على المدى الطويل. تتسم الحلول التقليدية المعتمدة على التكنولوجيا في الغالب بأنها:

• كثيفة رأس المال والطاقة، (تحتاج إلى رأس مال كبير وتستهلك الكثير من الطاقة)
• بالغة التعقيد وغير مرنة  ولا يمكن للعملاء والمستفيدين منها تكييفها،
• أقل ملاءمة من النواحي الثقافية والمالية والبيئية،
• معتمدة على الكوادر التي تمتلك مهارات رفيعة المستوى في التشغيل والصيانة  و
• منخفضة الجدوى عند العمل عن بعد / بشكل لامركزي.

يتضح هذا كله في أمثلة تنقية المياه ومعالجة المياه العادمة:  تتطلب الراشحات الشُعيْرية الكثيفة التكنولوجيا وعمليات معالجة الحمأة المنشّطة  مساحة أقل مقارنة بحلول المعالجة ذات المستوى التكنولوجي الأقل مثل الفلترة البطيئة بالرمل والتدفق الأفقي وأراضي محطات المعالجة بالنباتات في المناطق الحضرية مكلفة ولذلك أصبحت التكنولوجيا مسيطرة. قد لا تكون الحلول ذات المستوى المرتفع من التكنولوجيا الخيار الأفضل  في المناطق الريفية لأنها تعتمد اعتماداً كبيراً على الطاقة وتتطلب العمّال المهرة لصيانتها بشكل جيد.

تنطلق استراتيجية أثر الطبيعة من عمليات طبيعية تعرّفها (مثلاً: عمليات التلطيف الطبيعية...الخ)، وتتكيف معها وتطبقها على أنها بديل للنُهُج المرتكزة على التكنولوجيا. تهدف هذه الاستراتيجية إلى إدارة النظم الاجتماعية-البيئية بطريقة أكثر شمولية بحيث تستدام مع احتمال زيادة الخدمات المقدّمة في إطار النظام البيئي. إنها تدعم الوصول بنظام إدارة المياه والصرف الصحي المحليّ إلى المستوى الأمثل ومحاكاة الطبيعة في استكمال  دورة حياة المياه والعناصر التغذوية.  

تعتبر الحلول المعتمدة على الطبيعة مفهوماً مستجدّاً، وهي تعرّف على أنها إجراءات مستلهمة من الطبيعة، مدعومة أومستنسخة من الطبيعة  (COHEN-SHACHAM et al. 2016) و هي (SOMARAKIS et al. 2019) :

• توزع العمليات والخصائص الطبيعية المتنوعة بطريقة مستدامة تحافظ على كفاءة الموارد؛
• مواءمة مع الأنظمة المحلية  وبمساحات متوّعة ما يجعلها تعيد تعريف دور الطبيعة في البيئات الحضرية والريفية والطبيعية؛ و 
• تتصدّى للتحدّيات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية فتحقق منافع متعددة وتدعم التنمية المستدامة والتكيف والصمود.

بالإضافة إلى ذلك، تحقق الحلول الهندسية الذكية والحلول المعتمدة على الطبيعة في أغلب الأحيان أكثر فعالية من حيث التكلفة من تلك البدائل للبنية التحتية  "الرمادية" التقليدية   (SOMARAKIS et al. 2019)  لأنها:

• تخفف من تكاليف الاستثمار في البنية التحتية (على حساب تكاليف اعتمادها على المساحة بشكل أكبر)، و
• تخفض تكاليف التشغيل والصيانة إلى الحد الأدنى.

في العديد من الحالات، يمكن تنفيذ الحلول المعتمدة على الطبيعة باستخدام الموارد المحلية (غالباً بالاستناد إلى الحلول التقليدية) ما يرجّح جعلها أكثر قبولاً. كما أنه من الأسهل تفكيكها أو تعديلها لأنها تأثيرها في الطبيعة أقل كثافة. في الغالب، هناك العديد من "الآثار الجانبية" الإيجابية للحلول المعتمدة على الطبيعة حيث أن المزايا تتجاوز المشكلة المحددة التي استدعت الحلّ.

تُعتبر محطات المعالجة بالنباتات مثالاً جيداً للقيمة المضافة لهذه الوظائفية المتعددة: فهذه المحطات تستخدم الوظائف الطبيعية لنباتات الأراضي الرطبة والتربة ومكوناتها من الأحياء الميكروبية لمعالجة تلوُّث المياه السطحية والمياه الجوفية أو مصادر النفايات (SOMARAKIS et al 2019). تتجاوز محطات المعالجة بالنباتات وظيفتها الأساسية في معالجة المياه لتوفّر حلّاً جمالياً إذ أنها تجمّل المسطحات الأرضية وتدعم التنوّع الحيوي من خلال توفيرها موئلاً للعديد من الحيوانات والنباتات. كما أن انخفاض متطلبات وتكاليف الصيانة تجعل مقترح القيمة الخاص بها أكثر استدامة.

مثال آخر: تقلل المساحات الخضراء الناعمة مثل أحزمة الحماية وحدائق الشوارع وشاشات النباتات والجدران والسقوف الخضراء من الضوضاء الفعلية والمُدركة (BLOCK and BOKALDERS 2016) مما يجعلها مجدية. إذاً تشكّل الحلول المعتمدة على الطبيعة بدائل لحواجز الضجيج الفنية التقليدية المستخدمة في خفض الصوت. وفي الوقت ذاته، هي تُسهم في تحسين المناخ المحليّ وجودة الهواء من خلال امتصاص الحرارة وتعمل على تبريد المناطق المحيطة بها خلال النهار والليل. لكن، وفي بعض الحالات، قد تكون أكثر صعوبة من حيث إقناع العملاء بدفع المال مقابل شيء موجود أصلاً في الطبيعة.  

لجعل "أثر الطبيعة" ناجعاً ، يمكنك اعتماد النهج التالي المكوّن من خطوات:

1. الخطوة الأولى: فهم  الوظائف الضرورية لحل مشكلة ما (مثلاً: تنظيف المياه ومراكمة العناصر التغذوية في التربة...الخ)
2. الخطوة الثانية: حصر الحلول المعتمدة على الطبيعة (ما هي الحلول الموجودة في الطبيعة؟)
3. الخطوة الثالثة: التأكد فيما إذا كانت الحلول المعتمدة على الطبيعة/العملية المستلهمة من الطبيعة يمكن أن تُستخدم لحل المشكلة (الهندسة البيئية) وفيما إذا كانت لها مزايا معينة. وفيما إذا كان الحل أسهل للتنفيذ وأكثر ملاءمة ومُستداماً  مقارنة بالحلول المعتمدة على التكنولوجيا المتقدمة.

قد يقدم الجدول أدناه بعض الإلهام الأولي من خلال مقارنة أمثلة الحلول التقليدية والفنية مع الحلول المعتمدة على الطبيعة بالنسبة للتحديات المختارة التي تجري معالجتها:

تهدف شركة فيتيفر تي تي Vetiver TT للحلول الهندسية البيئية إلى جلب خبرة الهندسة المدنية وإدخالها في تصميم الحلول المستدامة بالاستفادة من نظام النجيل الهندي كنهج أخضر صديق للبيئة أقلّ ضرراً بها وأكثر فاعلية من حيث الكلفة لمعالجة العديد من التحديات المتصلة بالتربة والمياه والتي هي شائعة في ترنيداد وتوباغو والكاريبي: تثبيت وحماية المنحدرات الزلقة، ومكافحة عوامل التعرية، وإدارة المياه السطحية، والحفاظ على التربة والمياه، وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة...الخ. 

يمكن تطبيق أداة عشب النجيل الهندي والتي هي أداة هندسة حيوية لوحدها، أو إلى جانب حلول تقليدية أخرى مثل (الجدران الاستنادية، وسلال التراب والكسوة الأرضية...الخ) وذلك للمساعدة مثلاً في تثبيت وحماية الأرض المنحدرة. يمتد نظام جذور النجيل الهندي الليفية ويتغلغل في عمق التربة ما يعزز بنيتها وبالتالي يجعلها قادرة على تثبيت المنحدرات المحيط بها واستقرارها.

يقدم نظام النجيل الهندي حلّاً جميل المنظر وممتعاً بالإضافة إلى كونه حلّاً عالي الكفاءة يعتمد على الطبيعة ويسهم في خفض تكاليف الاستثمار مقارنة بالحلول المعتمدة أكثر على التكنولوجيا والبنية التحتية وهي حلول مرتفعة الكلفة. في بعض الأحيان، تصطدم التحدّيات باستعداد العملاء لأن يدفعوا المال مقابل شيء موجود أصلاً في الطبيعة ولكنهم عندما يدركون النهج النظامي والاعتبارات الهندسية المطلوبة ويقدّرون فرص توفير الكلفة حق قدرها، يصبح اقتناعهم ممكناً . يتطلب تطوير النظام وتطبيقه فهماً عميقاً للعمليات الطبيعية وخصائص عشب النجيل (مثلاً: قدرته على امتصاص العناصر الغذائية، ونظام اشتداد الجذور وقوتها...الخ) والكفاءات/الخبرة في الهندسة البيئية.

TTالمصدر:  Vetiver TT