نقل التكنولوجيا

تتسم بعض القطاعات بالتكيّف مع التقدم والابتكار على نحو أسرع من قطاعات أخرى. ولسوء الحظ، كنا نلاحظ أنه في العديد من السياقات، ما زالت المياه والصرف الصحي وإدارة الموارد تعتمد على النُّهُج التقليدية التي يكون قد عفا عليها الزمن في أغلب الأحيان. ومع ذلك، أدرك العالم أن العديد من التحدّيات الضاغطة في  هذا القطاع تتطلب حلولاً ابتكارية (WHEN, U. & MONTALVO, C., 2018). يمكن لهذا الوضع أن يؤدّي وبسهولة إلى الافتراض بأن التقنيات التي تتمخض عن خراب كبير هي التي لديها إمكانات حلّ التحدّيات الماثلة أمامنا. نتيجة لذلك، وفي أغلب الأحيان، تُغفل حقيقة مفادها أن التقنيات من القطاعات الأخرى يمكنها أن توفّر ذلك الحل إن هي نُقِلت بالشكل الصحيح. هناك العديد من التطورات التكنولوجية الموجودة فعلاً وبالإمكان أن تكون وسيلة لإحداث تغيير جوهري في قطاع المياه. فلقد أثبتت عمليات عديدة لنقل التكنولوجيا نجاحها فعلاً. على سبيل المثال، أصبح الدفع عبر الهاتف النقال يُستخدم على نطاق واسع في قطاع المياه (WALDRON, D. et al., 2019). من خلال اعتماد الابتكارات من قطاعات أو صناعات أخرى، يمكنك أن تتوصل إلى طرق جديدة لحلّ بعض المسائل البيئية الضاغطة وأن تنشئ مقترح قيمة قويّاً وتحسّن العمليات الخاصة بنموذج عملك.

ما زال قطاع المياه والصرف الصحي والموارد يعتمد اعتماداً كبيراً على النُّهُج التقليدية في معالجة فجوات الخدمة وتحدّيات الكفاءة. وفي حين أن الحلول التقليدية قد أثبتت نجاحها في العديد من المجالات، قد تكون النُّهُج الابتكارية والتقنيّات الحديثة أفضل في تلبية الاحتياجات اللازمة لتنمية قطاع المياه وما يتبعه من قطاعات علماً أن  تطوير تقنيات جديدة من العدم يمكن أن يستغرق وقتاً طويلاً ويستهلك الكثير من الموارد. في الوقت ذاته، الاستثمار في تطوير تقنيات جديدة لا يخلو أبداً من مخاطر الفشل ناهيك عن أن البحث والتطوير لا يتمخّضا دوماً عن ابتكارات تقنية ناجحة. في أغلب الأحيان، تفتقر الشركات الناشئة والابتكارية إلى الموارد (المالية، الوقت، والخبرة/الخبراء) للاستثمار في تطوير تقنيات جديدة تماماً. على هذه الشركات أن تجد طرقاً أخرى أكثر سهولة لتطوير الحلول التكنولوجية الابتكارية لحلّ التحدّيات التي عرّفتها.

لا يتعيّن عليك بالضرورة أن تطور تقنية جديدة تماماً لحلّ تحدِّ ما أو الشروع في إدخال تحسينات رئيسية على الوضع الراهن. حاول أن تفكر خارج الصندوق بدلاً من ذلك: لربما برهنت الابتكارات التقنية العديدة في القطاعات الأخرى على نجاحها في حل التحدّيات الشبيهة أو تحسين خدمات معينة أو ممارسات الأعمال (التي تتراوح من الإنتاج إلى اللوجستيات...الخ). تشجعك هذه الاستراتيجية على النظر إلى ما هو أبعد مما يحدث في قطاعك للوصول إلى الابتكارات الموجودة حالياً واعتمادها للقطاعات البيئية أو لعمليات شركتك الخاصة.

لقد نُقِل العديد من التقنيات فعلاً إلى قطاع المياه: على سبيل المثال، عملت تكنولوجيا قاعدة البيانات المتسلسلة والتي طرحت بداية في قطاع المال على زيادة الشفافية ضمن سلاسل تزويد المياه من خلال مشاركة البيانات  (Jimenez, M., 2018; Aquatech, 2018). تُستخدم برامج الدفع عبر الهاتف النقال والمدفوعة مسبقاً الآن على نطاق واسع لتسديد فواتير المياه  (IKEDA, J., LIFFITON, K., 2019). تبيّن حالة دراسة الشركة الناشئة انفاتيكس أدناه أيضاً حقيقة افتراضية تنبثق من صناعة وسائل الترفيه المتعددة الوسائط، وقد تم تكييفها لمعالجة المسائل المتصلة بالوعي البيئي.

تبيّن هذه الأمثلة وغيرها أن تكييف التطورات التكنولوجية من مجالات أخرى يمكن أن يطلق الشرارة لإيجاد طرق ابتكارية جديدة لحلّ تحدّيات تتصل بالمياه أو تسرّع التحسينات.

لتكون هذه الاستراتيجية ناجحة، عليك أن تستخدم مفاتيح رئيسية من ضمنها المواءمة بين التحدّي والابتكار الذي ينطوي على إمكانية عالية للتوصل إلى حلٍّ أفضل من البدائل الحالية أو الوضع الراهن.

يجب أن يطور عملك التجاري القدرات التقنية المطلوبة من أجل أن يستطيع تحويل التكنولوجيا الابتكارية إلى قطاعات أخرى ملحقة بالمياه. أحد الخيارات هو عمل هذا الشيء داخل الشركة من خلال بناء فريق يشمل ذوي الخبرة الذين أنت بحاجة لهم و/أو من خلال تجهيز عمليات الإنتاج المطلوبة.

أما أحد الخيارات الأخرى، فيتمثل في تطوير الشراكات التي تسمح لك بالتعاقد مع جهات أخرى لتوفير القدرات التي أنت بحاجة لها لإنجاز الحل التكنولوجي الابتكاري والذي صمّم خصيصاً للتحدّي الذي يجابهك أو لملاءمة السياق المحليّ.

في أغلب الأحيان، يُستفاد من التطورات التكنولوجية في عمل شركتك (الإنتاج واللوجستيات...الخ) في خفض التكاليف المترتبة عليها. فعلى سبيل المثال، يمكن لتكنولوجيا قاعدة البيانات المتسلسلة أن تخفّف من المخاطر إلى الحد الأدنى أو تقليص حالات تسرب المياه أو تحسين الرقابة على نوعية المياه (JIMENEZ, M., 2018)  من خلال قاعدة بيانات رقمية لامركزية ومتزامنة، يمكن أن تصبح المعاملات والبيانات أكثر كفاءة وأن تسجّل بشفافية دون تدخّل بشري (SHIH, J.-S. & PALMER, K., 2019). يمكن تحسين التسويق والتوزيع أو مقترح القيمة الإجمالية عبر هذه التقنيّات أيضاً.  

في حين أن التقنيات المتقدمة تمكّنك من إنجاز مقترح القيمة لديك على نحو أكثر كفاءة وفعالية أو إنشاء عرض ابتكاري جديد، عليك أن تعي أن معرفة عميلك بالتكنولوجيا قد تكون محدودة. وهذا يعني أنه قد يترتب عليك استثمار المزيد من الوقت والجهد في شرح الحلّ الذي تقدّمة للعملاء بالإضافة إلى تطوير الطلب الأولي. تميل المؤسسات العامة – تحديداً – إلى التباطؤ في اعتماد الابتكارات التكنولوجية عادة.

إحدى العملاء وهي تجرّب تقنية  Envatechs'المصدر:  galtalkstech.com

إينفانتكس (  Envatechs) هي شركة ناشئة في مجال التعليم  تهدف إلى التوعية بالتحدّيات البيئية ومعرفتها من خلال تقنيات دراسية عميقة تشتمل على الواقع الافتراضي والواقع المعزّز.  تستهدف الشركة فئة رئيسية ألا وهي الشركات العاملة في مجال البيئة ومؤسسات التنمية والهيئات الحكومية والمؤسسات التعليمية مثل المدارس. بمساعدة التكنولوجيا العميقة، تهدف إيفانتكس إلى التأثير بشكل إيجابي في سلوك الشركات والشباب من خلال توفير نماذج ومحاكاة بصرية للقضايا أو المنشآت البيئية. 

لقد بنت شركة إيفانتكس نموذج عملها حول التكنولوجيا الافتراضية والتي مضى على وجودها حولنا بعض الوقت وبخاصة في مجال الترفيه (التسلية) والوسائط المتعددة. رغم  أن شركة إيفانتكس لم تخترع تقنية من الصفر، إلا أنها نجحت في إعادة استخدام التكنولوجيا وتحويلها للتوعية في مجال المياه والصرف الصحي وإدارة الموارد. أدركت الشركة أن العديد من المواضيع البيئية مثل التغير المناخي أو إدارة المياه العادمة هي مواضيع مجرّدة للغاية. وقد عملت الشركة على توظيف الحقيقة الافتراضية لتوفير الخيار للعملاء الذين تشكّل المنظمات غير الحكومية التي تعمل في قطاع البيئة نسبة كبيرة منهم، بالإضافة إلى منفذي الأعمال التجارية  لمساعدة فئاتها المستهدفة والمجتمعات التي تعمل فيها على استكشاف هذه المواضيع المجرّدة وتجربتها بشكل ملموس. من خلال نقل التكنولوجيا مثلاً وجهود إشراك المجتمع المحليّ في منشآت إدارة المياه العادمة في الأردن، استطاعت الشركة تمكين أفراد المجتمع المحليّ من استكشاف تكنولوجيا المعالجة ومنافعها قبل بناء محطّة المعالجة. كانت هذه مساهمة مهمّة في الحصول على موافقة المجتمعات المحلية على عمل الشركة بالرغم  من الحساسيات الثقافية المتصلة بإدارة المياه العادمة. كما استخدمت التكنولوجيا للمزيد من المشاركة في حملات التوعية حول القضايا البيئية التي تستهدف الطلاب.  

للحفاظ على هيكلية عمل بسيطة، تعمل شركة إيفانتكس مع شبكة من المبرمجين الخارجيين لتطوير تجارب الواقع الافتراضي.